الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***
(قوله: واصطلاحا عبارة إلخ) قال في النهر الأولى أن يقال هو إصابة اليد المبتلة الخف أو ما يقوم مقامها في الموضع المخصوص في المدة الشرعية (قوله: هو أن تفضل الشيخين وتحب الختنين) المراد من الشيخين سيدنا أبو بكر وعمر ومن الختنين سيدنا عثمان وعلي (قوله: وإنما لم يجعله) أي المصنف (قوله: فينبغي أن لا يكون مشروعا) أي أن لا يكون الغسل الذي هو الأصل (قوله ما دام متخففا أيضا) لفظ أيضا مستدرك كما لا يخفى (قوله: ووزانه في الظهيرية بلا فرق) قال في الشرنبلالية يمكن أن يقال إن نفي الفرق فيه تأمل، وإن الأوجهية إنما هي على ما إذا خاض الماء لا على ما إذا تكلف وغسل رجليه داخله ولم يحكم ذلك الفرع بالإجزاء بالخوض فيما ذكر صريحا ببطلان المسح ووجه التأمل هو أنه قد حكم أنه لم يرتفع الحدث بغسل الرجل داخل الخف لكونه كغسل ما لم يجب فلم يقع معتدا به ثم حكم بصحته بعد تمام المدة فلم يوجب النزع لحصول الغسل داخل الخف، وهذا يؤيد ثبوت الفرق ا هـ. ويؤيد ما ذكره في دفع الأوجهية أن الزيلعي ذكر الإجزاء في مسألة ما لو تكلف، وأما مسألة ما لو خاض فقال فيها بطل المسح ولم يذكر الإجزاء فيها ويرد على المحقق أيضا في قوله والأوجه إلخ أنه يدل على جواز الصلاة به لابتلال ظاهر الخف لا لغسل الرجل، وهذا يناقض قوله ثم إذا انقضت المدة إلخ واعترضه العلامة الحلبي أيضا أو لا بأن هذا التوجيه إنما يتأتى على تقدير انغسال الرجلين كلتيهما على التمام مع ابتلال قدر الفرض من ظاهر الخفين مع عدم بطلان المسح والمذكور في ذلك الفرع انغسال أكثر الرجل وبطلان المسح ووجوب نزع الخفين وغسل الرجلين وفي قاضي خان انغسال إحدى الرجلين وبطلان المسح كذلك، وهذا كله ينافي ما قاله وثانيا بأنا نفرق بين غسل الرجلين مع بقاء التخفف ومسح الخف مع بقاء الجرموق حيث اعتبر الغسل في الأول وبطل مسح الخف به ولم يعتبر المسح في الثاني بأن مسح الخف بدل عن الغسل ولا بقاء للبدل مع وجود الأصل ومسح الجرموق ليس بدلا عن مسح الخف بل هو بدل عن الغسل أيضا فعند تقرر الوظيفة لا يعتبر البدل الآخر فليتأمل وحينئذ فلا يكون وزان الأول وزان الثاني ا هـ. واعترضه أيضا فقال قوله؛ لأنه في غير محله غير مسلم وقوله إذا لو لم يجب إلخ قلنا عدم وجوب غسل الرجل عينا لا يستلزم وجوب المسح عينا لجواز كون الواجب أحدهما لا على التعيين كسائر الواجبات المخيرة وتشبيهه بترك الذراعين وغسل الفخذ غير صحيح على ما لا يخفى، وأما الجواب عن قوله إن كلمتهم متفقة إلخ فهو أن الخف إنما اعتبر مانعا سراية الحدث ترخيصا لدفع الحرج اللازم بإيجاب الغسل عينا فإذا حصل الغسل زال الترخص لزوال سببه المختص هو به فقدر حلول الحدث قبيل الغسل محل الغسل في محله فليتأمل فلا محيص حينئذ عن إشكال الزيلعي على أهل الأصول، وأما اعتراضه على الفرع المذكور، فإنما يتم على تقدير صحة تمثيلهم وعدم صحة اعتراضه عليهم فليتأمل انتهى. (قوله: وتحقيق جوابه) أي جواب صاحب الكافي الإمام النسفي كما يعلم من الدرر، وكان ينبغي للمؤلف أن يأتي بصيغة الجمع حيث لم ينقل العبارة بعينها كما قال أولا؛ لأن مرادهم ولم يقل؛ لأن مراده (قوله: أثم) قال في الشرنبلالية في تأثيمه نظر لا يخفى (قوله: والعجب إلخ) أجاب عنه العلامة الحلبي فقال بعد نقله ما سبق عن صاحب الدرر أقول: ما قاله من المراد بالمشروعية، وهو الجواز بحيث يترتب عليه الثواب غير مسلم، فإن أئمتنا إنما يريدون بمشروعية الفعل الجواز بحيث يترتب عليه أحكامه غير أن الثواب من جملة أحكام الفعل الذي يقصد به العبادة فغسل الرجل حال التخفف لو لم يكن مشروعا لما ترتب عليه حكمه من جواز الصلاة وغيرها مما تشترط له الطهارة واستدلاله بتنظيره من قصر الصلاة غير صحيح، فإن المسافر إذا صلى أربعا وقعد على رأس الركعتين لا يكون آتيا بالعزيمة وليس في وسعه ذلك؛ لأن فرضه ركعتان لا يطيق الزيادة عليهما فرضا كما لا يطيق المقيم الزيادة على الأربع فرضا، وإنما يتم فرضه ركعتين فحسب وأثم لبناء النفل، وهو الركعتان الأخريان على تحريمة الفرض لا؛ لأنه أتى بالعزيمة مع عدم جوازها وإباحتها له بخلاف المتخفف الذي انغسل أكثر رجله حيث اعتبر الغسل شرعا وترتب عليه حكم من الأحكام الشرعية، وهو بطلان المسح ولزوم نزع الخف لإتمام الغسل ولو قدر أنه غسل كلتا الرجلين متخففا لترتب عليه أنه لا ينتقض بتمام المدة ولا بنزع الخف مع جواز الأفعال التي تشترط لها الطهارة به فثبت مشروعية الغسل حال التخفف بمعنى تصور وجوده شرعا وتحققه بخلاف الإتمام واعتراض الزيلعي على أهل الأصول مقرر، وهذا كله على تقدير صحة الفرع الذي ذكره، وهو منقول في الفتاوى الظهيرية وغيرها ا هـ. قال بعض الفضلاء وحاصله منع كون المسح رخصة إسقاط وإثبات أنه من النوع الثاني من الرخصة، وهو ما يرخص مع قيام السبب كفطر المسافر وفي هذا النوع يجوز العمل بالعزيمة مع وجود الترخص؛ لأن المسافر يجوز له أن يصوم في حال السفر ويثاب عليه فالمتخفف إذا غسل رجليه حال التخفف يكون مشروعا ويثاب عليه إذا لو لم يكن مشروعا لما بطل مسحه إذا خاض الماء ودخل في الخف ولما ترتب عليه حكمه وأنت خبير إذا تأملت كلام المحقق كمال الدين وكلام صاحب الدرر علمت أن تنظير كل منهما في إشكال الزيلعي بملحظ غير ملحظ الآخر فمحصل ما قاله المحقق منع صحة كلام الزيلعي ومنع صحة الفرع الذي استند إليه ومحصل ما قاله صاحب الدرر صحة كلامه في ذاته ومنع وروده على النسفي والعلامة الحلبي منع منعه وأثبت وروده عليه وعلى من قال بقوله ورد كلام المحقق والله تعالى الموفق. ا هـ. ملخصا. لكن لا يخفى عليك ما في كلام الزيلعي والحلبي من نفي رخصة الإسقاط وادعاء أن ذلك من النوع الثاني، فإن حكمه كما ذكره في الأصول أن الأخذ بالعزيمة أولى كفطر المسافر والغسل حال التخفف ليس كذلك؛ ولهذا قال العلامة محمد القهستاني في شرحه على مختصر الوقاية وليس من رخصة الترفيه في شيء إذ المعنى رخصة مخففة لجواز التأخير عن وقته للعذر، وإن كان الأفضل أن لا يؤخر كقصر المسافر فلو كان منها لزم أن يكون غسل المتخفف أفضل من مسحه ولا يخفى ما في المقام من الكلام الوافي لتحقيق ما في الهداية والكافي فمن قال إن المسح رخصة ترفيه عندهما فقد دل كلامه على بعد من فهم كلام الفحول كما دل على قصر باعه في علم الأصول ا هـ. (قوله: فقد علمت صحة ما بحثه المحقق إلخ) قال في الشرنبلالية قلت لكن لا يلزم من وجود فرع يخالف فرعا غيره بطلانه كيف وقد ذكره قاضي خان في فتاويه بقوله ماسح الخف إذا دخل الماء خفه وابتل من رجله قدر ثلاثة أصابع أو أقل لا يبطل مسحه؛ لأن هذا القدر لا يجزئ عن غسل الرجل فلا يبطل به حكم المسح، وإن ابتل به جميع القدم وبلغ الكعب بطل المسح مروي ذلك عن أبي حنيفة رحمه الله ا هـ. وذكره أيضا في التتارخانية ثم قال ويجب غسل الرجل الأخرى ذكره في حيرة الفقهاء وعن الشيخ الفقيه أبي جعفر إذا أصاب الماء أكثر إحدى رجليه ينقض مسحه ويكون بمنزلة الغسل وبه قال بعض المشايخ وفي الذخيرة، وهو الأصح م وبعض مشايخنا قالوا لا ينتقض المسح على كل حال وقال الزيلعي في نواقض المسح وذكر المرغيناني أن غسل أكثر القدم ينقضه في الأصح ا هـ. فهذا نص على صحة هذا الفرع وضعف ما يقابله ا هـ. كلامه. (قوله: وتعقبه تلميذه إلخ) قال في الشرنبلالية أجاب شيخنا العلامة المحبي أدام الله تعالى نفعه عن هذا منع بأن صحة الغسل داخل الخف الآن إنما هو باعتبار المانع فإذا زال المانع عمل المقتضى عمله لحصوله بعد الحدث في الحقيقة حال التخفيف فإذا نزع وتمت المدة لا يجب الغسل لظهور عمل المقتضى الآن. ا هـ. (قوله: فإذا أحدث بعد ذلك إلى قوله؛ لأنه عاد جنبا) قال العلامة الحلبي في شرح المنية ما ذكره ليس بسديد؛ لأن الرجل بعد غسلها إذ ذاك لا تعود جنابتها برؤية الماء ولا يلزم غسلها مرة أخرى لأجل تلك الجنابة كما لو غسلهما أولا ثم لبس الخف ثم أكمل الغسل، وإنما حل بهما بعد الغسل حدث والمسح لأجل الحدث جائز وصرح في الخلاصة أن الجنب إذا اغتسل وبقي على جسده لمعة فلبس الخف ثم غسل اللمعة ثم أحدث يمسح ا هـ ولا فرق بين بقاء لمعة أو أكثر في بقاء الجنابة وقد لبس الخف، وهي باقية ببقاء اللمعة وجوز له المسح فكذا يجوز في الصورة المذكورة فليتأمل. (قوله: وروي إلا من جنابة) قال بعض المحققين تقرير هذا الاستثناء والاستدراك الحاصلين بإلا ولكن هو أن الاستثناء من النزع؛ لأنه أرخص لهم المسح مع ترك النزع ثم استثنى منه الجنابة فكأنه قال لا تنزعوها إلا عند غسل الجنابة ثم قال مستدركا لكن عن بول أو غائط أو نوم فلا تنزعوها وبيان ذلك أن قوله إلا من جنابة تقديره أمرنا أن ننزعها من جنابة وهذه جملة إيجابية فلما أراد أن يستدرك جاء بجملة فقال لكن لا تنزعها من غائط وبول ونوم وفائدة هذا الاستدراك تبيين الحالات التي تضمنتها الرخصة وأنها إنما جاءت في مثل هذه الأحداث خاصة لا في الجنابة، وهذا التقدير، وإن كان مرادا، فإنه في حالة الإيجاب لا بد من ذكر الجملة بتمامها، وإنما جاز حذفها في مثل هذا الموضع لدلالة الحال عليه ووجه الدلالة من وجهين أحدهما أن قوله أمرنا أن لا ننزع خفافنا إلا من جنابة، وإن كان معناه الإيجاب إلا أنه على نفي والاستدراك من النفي لا يحتاج إلى ذكر الجملة بعده. والثاني: أن قوله من غائط يستدعي عاملا يتعلق به حرف الجر وأقرب ما يضمر له من العوامل فعل دل الفعل الظاهر عليه، وهو النزع فكان التقدير لكن لا ننزعها من غائط وبول ونوم وهذه معان دقيقة لا يدركها كثير من الأفهام. (قوله: ولا يخفى ضعفه إلخ) قد يقال معنى قوله؛ لأن الجنابة لا تعود أي جنابة أعضاء الوضوء المغسولة لا تعود بمعنى أنه سقط عنها فرض الغسل فلا يجب غسلها ثانيا وذلك؛ لأن قوله؛ لأن الجنابة لا تعود رد لقولهم المار إذا أحدث وعنده ماء للوضوء توضأ وغسل رجليه؛ لأنه عاد جنبا وقولهم قبله؛ لأن الجنابة سرت إلى القدمين وحاصل الرد أنه إذا كان عنده ماء للوضوء فقط لا يعود الجنابة إذ ليس قادرا على الماء الكافي للجنابة ولا تعود جنابة أعضاء الوضوء فقط؛ لأن الأصح أن الحدث لا يتجزأ زوالا ولا ثبوتا، وإنما حل بأعضاء الوضوء الحدث الأصغر فيكون ما ذكروه من الصورة من قبيل المسح للحدث والكلام في المسح للجنب فلذا كان ما صوروه ليس بصحيح. (قوله: فلولا التقييد بوقت الحدث إلخ) وفائدته أيضا كما قال بعض المحققين التنصيص على موضع الخلاف وذلك شائع ذائع فالقيد ليس بضائع (قوله: وفي المحيط، وإن لبس الخف ثم مسح على الجبيرة ثم برئ يكمل مدته) أي برئ بعدما أحدث، فإنه يكمل مدة المسح على الخف؛ لأنه إذا توضأ بعد هذا الحدث ثم برئ صار محدثا بالحدث السابق والحدث السابق متأخر عن اللبس فيكون اللبس على طهارة كاملة بخلاف المسألة الآتية وكذا السابقة، فإن الحدث الذي ظهر كان قبل اللبس فلا يكون لبس على طهارة كاملة فيجب نزع الخف وانظر ما فائدة تصوير المسألة بأن المسح بعد اللبس. (قوله: فتعتبر المدة من وقت المنع) قال الرملي: هذا صريح في أن المدة تعتبر من أول وقت الحدث لا من آخره كما هو عند الشافعية وما قلنا أولى؛ لأنه وقت عمل الخف ولم أر من ذكر فيه خلافا عندنا والله أعلم. ا هـ. (قوله: وقد يصلى به على هذا الوجه سبعا على الاختلاف) أي الاختلاف بين الإمام وصاحبيه في وقت الظهر والعصر فيصلى في اليوم الأول على قول الإمام الظهر بعد المثل والعصر بعد المثلين وفي المثلين وفي اليوم الثاني على قولهما يصلي الظهر قبل المثل. (قوله: وفي غيره نفي الاستحباب) أي في غير المحيط نفي استحباب مسح باطن الخف مع ظاهره، وهو المراد من قول المحيط ولا يسن لكن في النهر عن البدائع يستحب عندنا الجمع بين الظاهر والباطن في المسح إلا إذا كان على باطنه نجاسة ا هـ. أقول: وهكذا رأيته في شرح الغزنوية وكذا في شرح الهداية للعيني معزيا للبدائع أيضا لكن الذي رأيته في نسختي البدائع عزوه إلى الشافعي، فإنه قال وعن الشافعي أنه لو اقتصر على الباطن لا يجوز والمستحب عنده الجمع إلخ وهكذا رأيته في التتارخانية حيث قال محل المسح ظاهر الخف دون باطنه، وقال الشافعي: المسح على ظاهر الخف فرض وعلى باطنه سنة والأولى عنده أن يضع يده اليمنى على ظاهر الخف ويده اليسرى على باطن الخف ويمسح بهما كل رجله ا هـ. فضمير عنده للشافعي كما لا يخفى نعم ذكر في المعراج أن الاستحباب قول لبعض مشايخنا أيضا (قوله: فمعناه ما يلي الساق إلخ) أي المراد بأعلاه في الحديث ما ارتفع منه أي من جهة الساق والمراد بأسفله ما نزل عنه من جهة الأصابع فكأنه قيل مسح من أسفله إلى أعلى ساقه. (قوله: وأراد أصابع اليد) قال في النهر ولم يضفها إلى اللابس إيماء إلى أنه لو أمر من يمسح على خفيه ففعل صح كما في الخلاصة (قوله: وفي الخلاصة ولو مسح بأطراف أصابعه إلخ) رأيت في هامش نسخة من البحر عن بعض العلماء أن المذكور في الخلاصة في مسائل المسح على الخفين ولو مسح برءوس الأصابع وجافى أصول الأصابع والكف لا يجوز إلا أن يبلغ ما ابتل من الخف مقدار ثلاثة أصابع. ا هـ. وأما ما نقله المؤلف عنها فمذكور في مسائل مسح الرأس لكن لم يتم العبارة والعبارة بتمامها ولو مسح بأطراف أصابعه يجوز سواء كان الماء متقاطرا أو لا، وهو الصحيح وذكر الإمام الأجل برهان الدين المرغيناني أنه إن كان الماء متقاطرا جاز، وإن لم يكن لا يجوز والله تعالى أعلم ا هـ. فليراجع. (قوله: وفيه نظر إلخ) قال في النهر أقول: الكلام في الأحسن. (قوله: وهذا يفيد أن الأصابع غير داخلة في المحلية إلخ) قال في النهر هذا وهم إذ ما في الخلاصة إنما يفيد دخولها في المسح؛ لأن أطرافها أو آخرها يوافق ما مر عن المبتغى أي من قوله ظهر القدم من رءوس الأصابع إلى معقد الشراك وقوله في الخلاصة وموضع المسح ظهر القدم إنما يحترز بذلك عن باطنه وما في الخانية لا يدل لما ذكره بل إنما لا يجوز المسح في الصورة المذكورة لما أن خروج أكثر القدم نزع، وهذا فوقه على أن هذه مقالة عن محمد والمذهب اعتبار الأكثر في الخروج كما ستراه ا هـ. أقول: ما حمل عليه كلام الخلاصة محتمل، وهو الظاهر، وأما ما حمل عليه كلام الخانية فلا إذ لو كانت العلة خروج أكثر القدم لم يبق فرق بين المسألتين المذكورتين في الخانية إذ في كل منهما وجد خروج أكثر القدم كما لا يخفى ويدل على ما ذكره المؤلف من الحكم ما في السراج حيث قال: وإن كان القطع أسفل الكعب إن كان بقي من ظهر القدم قدر ثلاث أصابع أو أكثر يجوز المسح عليهما، وإن لم يبق مثل ذلك فلا بد من الغسل ا هـ فتدبر. (قوله: والأوجه الثاني) قال في النهر تقديم الزيلعي وغيره للأول يفيد أنه الذي عليه المعول ويراد بالغير من له أصابع تناسب قدمه صغر أو كبر إلا مطلقه؛ لأن الاعتبار بالموجود أولى من غيره ا هـ. وفيه أنه على هذا لا يظهر الفرق بين القولين حتى يكون المعول على الأول منهما (قوله: وتعقبه في فتح القدير إلخ) قال في النهر ولقائل منعه؛ لأن الأصابع اعتبرت عضوا على حدة بدليل وجوب الدية بقطعهما، وكان الأصل أن تكون تبعا للقدم لكن لاعتبارها على حدة اعتبروا فيها الثلاث واعتبار ذلك في العقب على الأصل وليس في غيرها هذا المعنى ا هـ. وحاصله أنه إنما اعتبر خروج أكثر الأصابع؛ لأنهم اعتبروها عضوا على حدة واعتبروا خروج أكثر القدم؛ لأن الأصابع في الأصل تابعة له فاعتبروا أكثره بناء على الأصل، وأما غير القدم فيعتبر بالأصابع إذ ليست تابعة له كما في القدم فاندفع اللزوم أقول: ولا يخفى عليك عدم صحة هذا المنع وذلك؛ لأن المحقق في فتح القدير ذكر أولا أن الخرق في العقب يمنع بظهور أكثره وأن اعتبار أصغر الأصابع فيما إذا كان في غير موضعها ثم نقل أنه لو كان تحت القدم يعتبر أكثره فإذا اعتبر أكثر العقب وأكثر القدم لم يبق موضع غير جهة الأصابع يعتبر فيه أصغر الأصابع فلزم أن لا تعتبر إلا إذا كان الخرق عندها ؛ لأن كل موضع حينئذ اعتبر بأكثره والذي حمل صاحب النهر على ما قال اشتباه العقب بالقدم وظنه أن الكلام في العقب كما يتضح لمن راجع بقية كلامه وليس كما ظن فتنبه (قوله: رد لما اختاره صاحب البدائع إلخ) أي من المنع بظهور الأنامل، وهو ما ذكره بقوله والأصح أنه لا يجوز المسح عليه وفي هذه العبارة ركاكة والمراد ما ذكرنا. (قوله: ولا شك أن هذه الدراية أولى مما في المحيط) قال في النهر إطباق عامة المتون والشروح على الجمع مؤذن بترجيحه وذلك؛ لأن الأصل أن الخرق مانع مطلقا إذ الماسح عليه ليس ماسحا على الخف لكن لما كانت الخفاف قد لا تخلو عن خرق لا سيما خفاف الفقراء قلنا إن الصغير عفو وجمعناه في واحد لعدم الحرج بخلاف الاثنين (قوله: اختلف المشايخ فيه) قال في المنح قلت ينبغي ترجيح القول بالجمع احتياطا في باب العبادات. (قوله: وقد يقال إنه ليس ببدل) سيأتي قريبا تقريره لخلافه وكذا يأتي ما يخالفه في آخر الباب بانيا عليه الفرق بينه وبين المسح على الجبيرة (قوله: حيث لا يلزمه إعادة المسح) في بعض النسخ إعادة الشعر والصواب المسح (قوله: لوصف البدلية) مناف لما مر من أنه ليس ببدل (قوله: وهو غير المفهوم) قال الرملي أي التأويل المذكور (قوله: فأفاد الاستيعاب وأنه ملحق بالجبائر إلخ) جواب عن قول صاحب الفتح مع أنه إنما يتم إلخ وقوله وإما كلية إلخ جواب عن قوله ويستلزم إلخ وقوله: وأما جواز تركه رأسا إلخ جواب عن قوله ويقتضي إلخ قال في النهر ولا يخفى ما في هذه الأجوبة من التكلف. ا هـ. (وأجاب) بعض الفضلاء عن مسألة كلية التيمم بأن مسألة التيمم لخوف البرد مقيدة بالجنب، وأما المحدث الخائف من البرد فلا يجوز له التيمم بالإجماع على الأصح كما تقدم، وأما مسألة خوف البرد المذكورة هنا فهي في المحدث إذ الجنب لا يجوز له المسح على الخفين كما لا يخفى والله تعالى أعلم (قوله: وفي التبيين القول بالفساد أشبه) قال الرملي قال العلامة الحلبي في شرح منية المصلي والذي يظهر أن الصحيح هو القول بالفساد ولا نسلم أن التيمم لا حظ للرجلين فيه بل هو طهارة لجميع الأعضاء، وإن كان محله عضوين كما أن الوضوء طهارة لجميعها، وإن كان محله أربعة أعضاء وكذا لو خاف إن نزعهما ذهاب رجليه من البرد، فإنه يتيمم، ولا يمسح على الخفين على ما حققه الشيخ كمال الدين بن الهمام وقد ذكرناه في الشرح ا هـ. أي ذكره في الشرح الكبير لها وأقول: ظاهر المتون كالكنز والهداية وغيرهما المسح لا التيمم في مسألة خوف ذهاب رجليه وليس الترجيح بالهين في ذلك فتأمل وازدد نقلا في كلامهم يظهر لك الراجح من المرجوح ا هـ كلام الرملي. قال بعض الفضلاء نعم ظاهر المتون المسح لكن يراد بالمسح أن يمسح على جميعه كالجبيرة ولا يتوقت ويدل على ذلك صريح كلامهم في غير كتاب من الكتب المعتبرة قال في المجتبى، فإن مضت، وهو يخاف البرد على رجليه بالنزع يستوعب المسح كالجبائر ويصلي وكذا في الزيلعي والإيضاح والحاوي ومختارات النوازل ا هـ. قلت وكذا في معراج الدراية وإمداد الفتاح وشرحي العلامة الحصكفي على الملتقى والتنوير فعلم بهذه النقول أن الراجح المسح لا التيمم ونقله في السراج عن المشكل ومنلا خسرو وعن الكافي وعيون المذاهب والقهستاني عن الخلاصة وفي الفتح عن جوامع الفقه والمحيط ولم يذكروا التيمم والله تعالى أعلم (قوله؛ لأن الفائت الموالاة، وهي ليست بشرط في الوضوء) قال بعض محشي صدر الشريعة. اعلم أنه ينبغي أن يسن غسل الباقي أيضا مراعاة للسنة أعني الولاء ولكن عبارته لا تفيد ذلك كما لا يخفى فتدبر ا هـ. وقد يقال قول المؤلف وليس عليه إعادة بقية الوضوء كما هو عبارة الهداية يشير إلى نفي الوجوب كما صرح به المؤلف ثانيا بقوله فلا يجب عليه إلا غسلهما، وهو صادق بسنية غسل الباقي مراعاة لسنية الموالاة باستحبابه خروجا من خلاف مالك تأمل (قوله: وقد صرح بهذا في فتح القدير) حيث قال وقال بعضهم إن كان الباقي بحيث يمكنه المشي فيه كذلك لا ينتقض، وهذا في التحقيق هو مرمي نظرا لكل فمن نقض بخروج العقب ليس إلا؛ لأنه وقع عنده أنه مع حلول العقب في الساق لا يمكنه متابعة المشي فيه وقطع المسافة بخلاف ما إذا كانت تعود إلى محلها عند الوضع ومن قال الأكثر فلظنه أن الامتناع منوط به وكذا من قال يكون الباقي قدر الفرض وهذه الأمور إنما تبنى على المشاهدة ويظهر أن ما قاله أبو حنيفة رحمه الله أولى؛ لأن بقاء العقب في الساق يعيق عن مداومة المشي دوسا على الساق نفسه. ا هـ. (قوله: وزاد في السراج خامسا إلخ) قال العارف في شرح الهداية ربما يقال خروج الوقت على المعذور ناقض لوضوئه كله لا لمسح الخف فقط فيدخل ذلك في نواقض الوضوء. (قوله: سواء سافر قبل انتقاض الطهارة إلخ) تبع في ذلك المحقق في فتح القدير واعترضهما في النهر بأن قوله مسح لا يشمل ما لو سافر قبل انتقاض الطهارة ثم قال: فإن قلت لا يلزم من مسحه سبق حدث لجواز أن يتوضأ وضوءا على وضوء ويمسح في الثاني قلت هذا مع بعده مفوت لتقييد محل الخلاف على أن قول القدوري ومن ابتدأ مدة المسح فسافر يدفع هذا لما أن ابتداءها من وقت الحدث. (قوله: وفي الثاني خلاف الشافعي رحمه الله) قال بعض الفضلاء قلت خلاف الشافعي إنما هو فيما إذا سافر بعد الحدث والمسح قبل كمال مدة المقيم، وأما إذا سافر بعد الحدث ومسح في السفر قبل خروج وقت الصلاة أو بعد خروجه في الصحيح، فإنه يتم مسح مسافر من حين أحدث في الحضر؛ لأنه بدأ بالعبادة في السفر فثبت له رخصة السفر كذا في المهذب وشرحه للنووي ا هـ. قلت: ونحوه في شرح المنهج للقاضي زكريا الأنصاري، وهو المفهوم أيضا من تقييد المصنف بقوله مسح مقيم فسافر قبل تمام يوم وليلة. (قوله: ما يكون صالحا لقطع المسافة والمشي المتتابع عادة) أقول: لينظر ما المراد بذلك هل المعتبر قطع المسافة بالخف نفسه أي بأن يكون صالحا لذلك بدون لبسه في المكعب أو ما هو المعتاد لنا من لبسه في المكعب توقفنا من قديم في ذلك ولم نجد فيه نقلا مع التفتيش والتنقير لكن قال شيخنا الذي يتبادر من كلامهم في تعاليلهم وأدلتهم أن المعتبر ما يصلح لقطع المسافة فيه نفسه فعلى هذا فالواجب على الشخص أن يتفقد خفه، فإنه قد يرق أسفله ويمشي عليه بالمكعب أياما كثيرة ولا ينقب ولو فرض أنه لو مشى به وحده يتخرق في دون ذلك، فإنه لا يصح المسح عليه والناس عنه غافلون، فإنهم لا يزالون يمسحون حتى يتخرق قدر ثلاث أصابع مع أنه قبل هذا قد لا يمكن المشي عليه في المدة المعتبرة فعلى الشخص أن يعتبر ذلك قبل الخرق وبعده لئلا يصلي بلا طهارة فليحفظ. (قوله: فالصحيح أنه يجوز المسح عليه) قال الرملي أي على الخف المتخذ من اللبود التركية وتمام عبارة الخلاصة بعد قوله عليه ويمسح على الجرموق فوق الخف عندنا، فإن لبسهما وحده لا يمسح عليهما ولا يجوز ا هـ. وقوله: فإن لبسهما أي الخفين المتخذين من اللبود التركية وعليك أن تتأمل في عبارة الخلاصة ا هـ. أقول: في كلام المؤلف سقط أو إيجاز محل، فإن المسح على الخفاف المتخذة من اللبود التركية جائز كما صرح به في المنية معللا بإمكان قطع المسافة بها قال شارحها العلامة الحلبي حتى قالوا لو شاهد أبو حنيفة رحمه الله صلابتها لأفتى بالجواز لشدة دلكها وتداخل أجزائها بذلك حتى صارت كالجلد الغليظ وأجمعوا على جواز المسح عليها بطريق الدلالة ا هـ. فقول الخلاصة على الصحيح إشارة إلى خلاف الإمام في اشتراط النعل وقول الحلبي وأجمعوا إلخ بناء على رجوعه إلى قولهما كما سيأتي وحينئذ فلا يشترط أن يكون الأديم على أصابع الرجل وظاهر القدم فعلم أن قول الخلاصة، فإن لبسهما أي الجرموقين لا كما قال الرملي وكذا قوله ولا يجوز المسح حتى يكون إلخ معطوف على قولها لا يمسح عليهما كما يظهر من مراجعة شرح المنية فالصواب حذف قول المؤلف ولا يجوز المسح إلخ والاقتصار على ما قبله. (قوله: ويشترط لجواز المسح على الجرموقين إلخ) قال في السراج. واعلم أن المسح على الجرموقين إنما يجوز بشرطين: أحدهما أن لا يتخلل بينه وبين الخف حدث كما إذا لبس الخفين على طهارة ولم يمسح عليهما حتى لبس الجرموقين قبل أن تنتقض الطهارة التي لبس عليها الخفين فحينئذ يجوز المسح على الجرموقين، وأما إذا أحدث بعد لبس الخفين أو مسح عليهما ثم لبس الجرموقين بعد ذلك لا يجوز له المسح على الجرموقين؛ لأن حكم المسح قد استقر على الخف وكذا لو أحدث بعد لبس الخف ثم لبس الجرموق قبل أن يمسح على الخف لا يمسح عليه أيضا؛ لأن ابتداء مدة المسح من وقت الحدث وقد انعقد ذلك في الخف فلا يتحول عنه إلى الجرموق بعد ذلك والشرط الثاني أن يكون إلى آخر ما سيأتي أقول: قوله وأما إذا أحدث بعد لبس الخفين أو مسح عليهما إلخ يوهم أنه لو مسح على الخف ولو قبل الحدث كما لو جدد الوضوء ومسح على خفه ثم لبس الجرموق لا يصح المسح على الجرموق بعد ذلك فيفيد أن لبس الجرموق قبل المسح شرط آخر كما أن لبسه قبل الحدث شرط، وهذا بعيد إذ لو كان كذلك لكانت الشروط ثلاثة مع أنه قال أولا إنما يجوز بشرطين وأيضا، فإن حكم المسح لا يستقر على الخف إلا بعد الحدث أما قبله، فإن وجود الخف كعدمه فالظاهر أن أو في قوله أو مسح عليهما بمعنى الواو إن لم تكن الهمزة من زيادة النساخ بقرينة قوله بعده وكذا لو أحدث بعد لبس الخف ثم لبس الجرموق قبل أن يمسح على الخف فيكون كلامه الأول فيما إذا لبس الجرموقين بعد الحدث وبعد المسح على الخفين وكلامه الثاني فيما إذا لبسهما بعد الحدث وقبل المسح على الخفين وحاصله أنه لا فرق في لبس الجرموقين بعد الحدث بين أن يكون بعد المسح على الخف أو قبله ففي الصورتين لا يجوز المسح على الجرموقين للعلتين المذكورتين، وهذا ما فهمه المؤلف حيث قال سواء لبسه قبل المسح على الخف أو بعده ثم رأيت بعد ذلك ما يعين أن عدم المسح على الخف شرط آخر كما هو ظاهر السراج ففي شرح المجمع لابن مالك، وإنما قيدنا بالقيود المذكورة؛ لأنه لو كان مسح على الخفين أو أحدث بعد لبسهما ثم لبس الجرموقين لا يجوز المسح عليهما بالاتفاق؛ لأن الموق حينئذ لا يكون تبعا للخف ا هـ. وكذا قال في شرح المجمع لمصنفه ونصه ونجيزه على الموقين إذا لبس الموقين فوق الخفين ولم يكن مسح على الخفين حتى لبسهما ولا أحدث بعد لبس الخفين، فإنه يجوز عندنا ثم قال بعد ذكره خلاف الشافعي والجواب عن دليله هذا إذا ابتدأ مسحهما أما إذا كان قد مسح على الخفين ثم لبسهما لم يجز المسح عليهما حيث ظهر التغاير بينهما صورة ومعنى ا هـ. وكذا قال في متن منية المصلي ومن لبس الجرموق فوق الخف قبل أن يمسح على الخف مسح عليه، فإن كان مسح على الخفين ثم لبس الجرموقين لا يمسح على الجرموقين ا هـ. قال ابن أمير حاج في شرحه، وكان ينبغي أن يقول أيضا وقبل أن يحدث (قوله: ونقل من فتاوى الشاذي إلخ) قال العلامة إبراهيم الحلبي شارح المنية ثم تعليل أئمتنا هاهنا بأن الجرموق بدل عن الرجل إلخ يعلم منه جواز المسح على خف لبس فوق مخيط من كرباس أو جوخ أو نحوهما مما لا يجوز عليه المسح؛ لأن الجرموق إذا كان بدلا عن الرجل وجعل الخف مع جواز المسح عليه في حكم العدم فلأن يكون الخف بدلا عن الرجل ويجعل ما لا يجوز المسح عليه في حكم العدم أولى كما في اللفافة ويؤيده أن الإمام الغزالي في الوجيز والرافعي في شرحه له مع التزامهما ذكر خلاف الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى أوردا هذه المسألة في صورة الاتفاق، وكان مشايخنا إنما لم يصرحوا به فيما اشتهر من كتبهم اكتفاء بما قالوا في مسألة الجرموق من كونه خلفا عن الرجل كذا أفاده المولى خسرو في الدرر شرح الغرر ولا يلتفت إلى ما نقل في شرح المجمع عن فتاوى الشاذي أنه لا يجوز إلا أن يقطع ذلك الملبوس تحت الخف؛ لأنه نقل عن رجل مجهول، وهو بعيد عن الفقه خارج عن الأصول؛ لأن قطعه إن كان ليصير كالخف المخروق في عدم جواز المسح عليه فهو بمنزلته بدون خرق؛ لأنه لا يجوز المسح عليه وإن كان لأجل أن يتصل جزء من الرجل بالخف فهو ليس بشرط، وإلا لما جاز المسح على الجرموق ونحوه مع حيلولة الخف، فإنه أشد منعا للاتصال بالرجل وبهذا ظهر فساد قول من أيده من الجهال بأن جواز مسح الخف على خلاف القياس فلا يقاس عليه ما لم يرد به نص، فإن هذا كما ترى بطريق الدلالة الراجحة لا بطريق القياس، وإلا لما جاز المسح على المكعب واللبود التركية ونحوها؛ لأنها غير منصوص عليها ثم يقال بل قطع ذلك المخيط قصد إحرام؛ لأنه إضاعة المال من غير فائدة، وهي منهي عليها ا هـ كلام الحلبي رحمه الله تعالى (قوله: ويدل عليه أيضا ما ذكره الشارحون إلخ) قد يقال إن ما ذكره الشارحون لا يرد على الشاذي؛ لأن مراده بالمانع ما يلبس وذلك بأن يكون مخيطا كما في الدرر وكلام الشارحين في اللفافة ولم يقل بمنعها بدليل قوله وقطعة كرباس إلخ إذ أن يقال إن لفظ اللفافة يشمل المخيط أيضا تأمل (قوله: وينبغي أن يقال إلخ) مخالف لما ذكره عن المبتغى إلا أن يكون ذلك بحثا على عبارة المبتغى لا على عبارة المنية ثم رأيت في شرحها لابن أمير حاج ذلك البحث على ما في المبتغى. (قوله: قال وفيه نظر ولم يذكر وجهه) ذكره بعض الفضلاء بقوله إنهم اعتبروا خروج أكثر القدم من موضع مسح عليه وهاهنا، وإن خرجت من موضع مسح عليه لم تخرج من موضع يمكن المسح عليه. (قوله: وفي المستصفى في نعل الخف إلخ) قال في النهر لا شاهد فيه؛ لأن نعله ليس مشددا بل مخففا والمراد أن اسم المفعول جاء من المزيد والمجرد ا هـ. أقول: صرح في القاموس بمجيئه من باب التفعيل فعلم أن المراد المشدد لا المخفف بدليل أنه في الصحاح قال ولا تقول نعله (قوله: والثخين أن يقوم على الساق إلخ) الذي استصوبه العلامة الحلبي حده بما تضمنه وجه الدليل، وهو ما يمكن فيه متابعة المشي وقواه بكلام الزاهدي (قوله: ثم المسح على الجورب إلخ) كذا في السراج عن الخجندي وذكر العلامة الحلبي تقسيما في الجورب فقال ذكر نجم الدين الزاهدي عن شمس الأئمة الحلواني أن الجورب خمسة أنواع من المرعزى والغزل والشعر والجلد الرقيق والكرباس قال وذكر التفاصيل في الأربعة من الثخين والرقيق والمنعل وغير المنعل والمبطن وغير المبطن، وأما الخامس فلا يجوز المسح عليه كيفما كان ا هـ. ونحوه في التتارخانية عنه والمراد من التفصيل في الأربعة أن ما كان رقيقا منها لا يجوز المسح عليه اتفاقا إلا أن يكون مجلدا أو منعلا أو مبطنا وما كان ثخينا منها، فإن لم يكن مجلدا أو منعلا أو مبطنا فمختلف فيه وما كان فلا خلاف فيه. ا هـ. والمرعزى كما سيأتي مضبوطا الزغب الذي تحت شعر العنز والغزل ما غزل من الصوف والكرباس ما نسج من مغزول القطن قال الحلبي ويلحق بالكرباس كل ما كان من نوع الخيط كالكتان والإبريسم أي الحرير ثم قال بعد ما تقدم فعلم من هذا أن ما يعمل من الجوخ إذا جلد أو نعل أو بطن يجوز المسح عليه؛ لأنه أحد الأربعة وليس من الكرباس فهو داخل فيما يجوز المسح عليه لو كان ثخينا بحيث يمكن أن يمشي معه فرسخ من غير تجليد ولا تنعيل، وإن كان رقيقا فمع التجليد أو التنعيل لو كان كما يزعم بعض الناس لا يجوز المسح عليه ما لم يستوعب الجلد جميع ما يستر القدم إلى الساق لما كان بينه وبين الكرباس فرق ثم أطال في تحقيق ذلك وبيانه ثم قال في آخر تقريره ثم بعد هذا كله فلو احتاط ولم يمسح إلا على ما يستوعب تجليده ظاهر القدم إلى الساق كان أولى ولكن هذا حكم التقوي، وهو لا يمنع الجواز الذي هو حكم الفتوى والله تعالى الموفق. (قوله: ويوافقه ما ذكره صاحب المجمع في شرحه إلخ) أقول: ظاهر كلامه حمل عبارة المجمع على أن المراد بالوجوب الفرضية بدليل ذكره أياها بعد نقل القول برجوع الإمام إلى قولهما أي وهما يقولان بالفرضية لكن صاحب المجمع ذكر في شرحه ثلاثة أقوال فقال ثم المسح مستحب على قول أبي حنيفة وواجب عند هما وقيل إن الوجوب متفق عليه وقيل المسح واجب عنده فرض عندهما ا هـ. والذي يفهم منه أن لهما قولين قولا بالوجوب وقولا بالفرضية كما أن له قولا بالاستحباب وقولا بالوجوب فعلى هذا فرجوعه إلى قولهما رجوع عن الاستحباب إلى الوجوب بدليل جعله الأصح الذي عليه الفتوى هو أن الوجوب متفق عليه فيكون موافقا لما في شرح الطحاوي والزيادات والذخيرة وغيرها من أن الإمام قائل بالوجوب فحمل الوجوب على الفرضية بعيد لما قلنا؛ ولأنه غير الظاهر من كلامه؛ لأن المفهوم من قوله أولا وواجب عندهما أن المراد بالواجب غير الفرض كما هو الأصل ويدل عليه ذكره قولهما بالافتراض آخر فقوله إن الوجوب متفق عليه يكون المراد به الوجوب الأول؛ لأن النكرة إذا أعيدت معرفة كانت عين الأول غالبا ولا يقال تعليله بقوله؛ لأن المسح على الجبيرة إلخ يوهم أن المراد بالوجوب هنا الافتراض؛ لأن دليل مسح الجبيرة من الآحاد فغاية ما يفيد الوجوب كما قرره المحقق ولما كان دليل التيمم قطعيا كان الثابت به الفرضية فالتشبيه بالتيمم من حيث إن مسح الجبيرة قائم مقام غسل العضو عند الضرورة كما يشعر به قوله وكما لا يقال إلخ ولا يلزم أن يعطي المشبه ما للمشبه به من كل وجه ويدل على ما قلناه من الحمل المذكور قول الإمام الزيلعي المسح على الجبيرة واجب عندهما لا يجوز تركه لحديث علي رضي الله عنه وعند أبي حنيفة رحمه الله ليس بواجب حتى يجوز تركه من غير عذر وقال في الغاية والصحيح أنه واجب عنده وليس بفرض حتى تجوز صلاته بدونه ا هـ. وظاهر أن المثبت أولا والمنفي ثانيا هو الوجوب الاصطلاحي كما هو صريح كلام الغاية وفي شرح الوهبانية لابن الشحنة واختلف في المسح هل هو فرض أو واجب أو مستحب ففي البدائع أنه مستحب عنده وليس بواجب وعندهما واجب وقيل في التوفيق الوجوب المنفي عنده بمعنى الفرض وعندهما المراد بالوجوب وجوب العمل دون العلم ونقل عنه ثلاثة أقوال الاستحباب والوجوب والجواز وقيل هو فرض عندهما واجب عنده ا هـ. وحاصله أن الوجوب المثبت عندهما في القول الأول والثاني على حقيقته دون الثالث، وأما المنفي عنده ففي القول الأول على حقيقته دون الأخيرين ثم المراد على الأول الاستحباب فقط وعلى الثالث الوجوب فقط وعلى الثاني أحد هذين أو الوجوب وفي فتح القدير قيل واجب عندهما مستحب عنده وقيل واجب عنده فرض عندهما ا هـ. ومثله في إمداد الفتاح فانظر كيف نسبوا إليها تارة القول بالفرضية وتارة القول بالوجوب المقابل للمستحب وللفرض ولم ينسبوا إليه القول بالفرضية فثبت بهذا أنه على قوله إما واجب أو مستحب أو جائز وعلى قولهما إما واجب أو فرض والصحيح من الثلاثة عنده القول بالوجوب كما ذكره المؤلف عن غير ما كتاب، وإذا حملنا ما في الخلاصة من رجوعه إلى قولهما على رجوعه عن الاستحباب أو الجواز إلى الوجوب كما يشعر به تعبيرها بعدم جواز الترك؛ لأن الواجب هذا شأنه بخلاف المستحب والجائز تتفق كلمتهم على شيء واحد فلا يكون ما فيها غير ما صححوه كما يشهد به ما نقلناه وما ذكره ابن الشحنة من التوفيق السابق وعليه يحمل كلام المجمع على ما هو الظاهر من كلامه كما بيناه لك فالحاصل أنه ليس للإمام قول بالفرضية إذ لم يصرح أحد به بل صرحوا بنفيه قولا له فضلا عن تصحيحه وبهذا ظهر لك ما في كلام المؤلف وكلام أخيه في النهر حيث وافقه بل زاد عليه ومشى على الفرضية وتابعه أيضا صاحب المنح فقال بعد نقله قول المؤلف فحاصله أنه قد اختلف التصحيح في افتراضه أو وجوبه أقول: يجب أن يعول على ما وقع في المجمع وشرحه من أن الوجوب بمعنى الافتراض متفق عليه؛ لأنه بلفظ الفتوى، وهذا آكد في التصحيح من لفظ الأصح أو الصحيح أو المختار كما ذكره بعض أهل التحقيق ولما ذكره صاحب الخلاصة من رجوع الإمام قدس سره إليه لما فيه من الاحتياط في باب العبادات ومن ثم عولنا عليه في المختصر حيث قلنا، وإلا لا يترك والله تعالى أعلم وفي شروح الوقاية المسح على الجبيرة إن ضر جاز تركه، وإن لم يضر فقد اختلف الروايات عن أبي حنيفة رحمه الله في جواز تركه والمأخوذ أنه لا يجوز تركه ا هـ. وبه جزم منلا خسرو ا هـ كلام المنح وتابعه الشيخ علاء الدين الحصكفي. وأقول: أما ما نسبه إلى المجمع من أن الوجوب بمعنى الافتراض فليس الموجود فيه كذلك بل ظاهر كلامه خلافه كما علمت، وأما عبارة الخلاصة فقد عملت تأويلها، وأما ما استشهد به من كلام شروح الوقاية ومنلا خسرو من عدم جواز الترك فلا يلزم منه الفرضية؛ لأن المراد لا يحل تركه والواجب كذلك لما مر وليس المراد بعدم الجواز عدم الصحة لإسنادهم إياه إلى الترك ولا يقال لا يصح تركه فتعين أن المراد به عدم الحل؛ ولذا عطف في المحيط قوله ولا تجوز الصلاة بدونه على قوله لم يجز تركه بناء على قولهما بالفرضية ثم قال وقيل عنده يجوز تركه أي يحل بناء على قوله بالاستحباب أو الجواز؛ ولذا قال بعده والصحيح أنه عنده واجب أي فلا يجوز تركه فقول شراح الوقاية لا يجوز تركه هو ما عبر به في المحيط بقوله والصحيح أنه واجب فظهر أن مرادهم تصحيح الوجوب لا الفرضية ويتفرع عليه أنه لو ترك المسح فصلاته صحيحة اتفاقا على الصحيح، وهو الذي اعتمده المؤلف في الفروق من كتاب الأشباه والنظائر هذا ما ظهر لفهمي القاصر في هذا المقام ولا تقتصر عليه بل ارجع أيضا إلى رأيك منصفا وابحث مع ذوي الأفهام والله تعالى أعلم (قوله: وقد جنح المحقق إلخ) قال في النهر وما في فتح القدير من اختيار القول بالوجوب إلخ ففيه نظر إذ الفرائض العملية تثبت بالظن والاشتهار في الرجوع بعد ثبوت أصله غير لازم ا هـ. وفيه أن الفرض العملي يثبت بالظن القوي لا مطلقا لما قال المؤلف في الكلام على فرائض الوضوء أن المفروض على نوعين قطعي وظني هو في قوة القطعي في العمل بحيث يفوت الجواز بفوته وعند الإطلاق ينصرف إلى الأول لكماله والفرق بين الظني القوي المثبت للفرض وبين الظني المثبت للواجب اصطلاحا خصوص المقام ا هـ. فليتأمل. (قوله: وقد ذكر الشيخ أبو بكر الرازي إلخ) قال في الشرنبلالية ويتعين حمل قوله لو ظهر أمكن غسله إلخ على ما إذا لم يقدر على حل الجبيرة كما سيذكره عن قاضي خان، وإلا فلا يصح المسح عليهما (قوله: لا كما توهمه في فتح القدير إلخ) قال في النهر وغير خاف أن التفصيل مبني أيضا على أثر علي رضي الله عنه بناء على أن المكسور لا يضره الغسل فما في الفتح أوجه (قوله: والصواب هو الوجوب) مفاده أن خلافه خطأ وقد علمت ما فيه من الخلاف بين الإمام وصاحبيه فكان المناسب في التعبيران يقول والصحيح هو الوجوب وفي قوله وقوله المسح بدل عن الغسل غير صحيح نظر ظاهر؛ لأن مراد المبتغى المسح على الجبيرة أي أن المسح عليها بدل عن الغسل والمسح لا بدل له؛ لأن الواجب في الرأس إنما هو المسح فإذا كان على الرأس جبيرة لزم أن يكون المسح عليها بدلا عن المسح على الرأس والمسح لا بدل له. (قوله: وفي تعبيره بيجوز دون يجب إشارة إلخ) قال في النهر فيه نظر إذ لا داعي إلى حمل الجواز على ما ذكره وتخريجه على قول لم يرجحه أحد فيما علمت مع أنه مناف لقوله كالغسل على ما مر ا هـ. وفيه نظر فقد قال في المنية، وإن ترك المسح على الجبيرة والمسح لا يضره جاز له عند أبي حنيفة خلافا لهما، فإن كان مراد المنية بالجواز الحل وعدم الإثم فلا يكون واجبا ولا فرضا فهو قد صححه كما تشعر به عبارته، وإن كان مراده به الصحة وتفريغ الذمة في الدنيا الصادق بكونه واجبا فقد صححه غير واحد كما مر والظاهر أن مراد المؤلف هذا حيث جعل الإشارة إلى أنه ليس بفرض أي عبر بالجواز ليفيد أنه ليس بفرض ولو عبر بالوجوب لاحتمل التأويل بأن المراد منه الفرض بناء على قولهما ولا نسلم منافاته لقوله كالغسل؛ لأنه ليس مثله من كل وجه، فإن الغسل فرض قطعا بخلاف المسح فتشبيهه به لا يلزم منه أن يكون فرضا كما حمله هو عليه في شرحه. (قوله: ولا يخفى أنه يستفاد من عبارة المحيط) قال في النهر أقول: هذا العمري غريب إذ صاحب المحيط كما ترى اعتبر الضرر في الحل والغسل لا في الحل فقط وغير خاف أن جواز المسح دائر مع الضرر وعدمه مع عدمه وعليه تتخرج الأقسام الأربعة ا هـ. أقول: لا يخفى ما فيه بل الظاهر المتبادر من كلام المحيط أن المراد إن كان الحل والعدول إلى الغسل يضر يمسح ولو كان مراده أن الضرر في كل من الحل والغسل لقال يضران ولم يجز أن يقول يضر بالإفراد كما تقول إن كان زيد وعمرو يضربان ثم رأيت العلامة إسماعيل النابلسي في شرحه على الدرر قال ما نصه التحقيق ما في البحر كما يدل عليه إفراده الضمير في يضر ولو اعتبر الضرر فيهما لثنى وإطلاقه عن اعتبار وعدمه ظاهر لا خفاء فيه فليتأمل. ا هـ. وهذا عين ما قلنا ولله تعالى الحمد وقال بعض الفضلاء لو اعتبر الضرر في الحل والمسح لكان غريبا كما ذكر، وأما قران الغسل معه فلا ينافيه لدخوله تحت قول الفتح لا المسح فتدبره (قوله: ينبغي أن يتعين عليه ذلك) قال في الفتح ومن ضرر الحل أن يكون في مكان لا يقدر على ربطها بنفسه ولا يجد من يربطها ا هـ. قال في النهر وكأن شيخنا رحمه الله تعالى لم يطلع على هذا فقال ينبغي إلخ ا هـ. قال الشيخ إسماعيل النابلسي الذي يظهر أن كلام قاضي خان مبني على قول الإمام إن وسع الغير لا يعد وسعا كما نقله الفقيه أبو الليث في التأسيس، وقدمناه عن غيره وما مشى عليه في الفتح هو قولهما ا هـ. (قوله: فعلى هذا ما في الذخيرة عن أبي يوسف إلخ) حمله في النهر على أنه قول لأبي يوسف لا الإمام وأيده بما يأتي عن القنية، وهذا أولى مما ذكره المؤلف إذ لا شيء مما مر ينافيه (قوله: السابع أن الصحيح إلخ) قال في النهر لا ينبغي ذكر هذا مع عد الشارح أن الجبيرة يجب استيعابها بالمسح في رواية بخلاف الخف؛ لأن عد ذلك يسقط هذا ا هـ. قال بعض الفضلاء لا يسقطه؛ لأنه لا يلزم من نفي وجوب الاستيعاب نفي وجوب الأكثر تأمل (قوله: العاشر إذا دخل الماء تحت الجبائر لا يبطل) قال في النهر الأولى أن يقال لا يبطل اتفاقا بخلاف الخف لما مر (قوله: الخامس عشر إلخ) قال في النهر وزدت السادس عشر أن المسح على الجبيرة ليس خلفا ولا بدلا عن الغسل بخلاف الخف ا هـ. وقد يزاد غيرها كما في التنوير وغيره فنقول السابع عشر أن المسح على الجبيرة يترك إن ضر، وإلا لا بخلاف الخف الثامن عشر أنه مشروط بالعجز عن مسح نفس الموضع، فإن قدر على مسحه فلا مسح عليها التاسع عشر أنه يبطل ببرء موضعها، وإن لم تسقط العشرون أنه يبطل سقوطها عن برء بخلاف الخف، فإنه يبطل بسقوطه بلا شرط الحادي والعشرون إن مسح جبيرة رجل يجمع مع غسل الأخرى بخلاف الخف. الثاني والعشرون: أنه مشروط بالعجز عن مسح الموضع بخلاف الخف. الثالث والعشرون: أنه يجوز ولو كانت على غير الرجلين بخلاف الخف. الرابع والعشرون: إذا غمس الجبيرة في إناء يريد به المسح عليها لم يجز وأفسد الماء بخلاف الخف وكذا الرأس فلا يفسد ويجوز عند الثاني خلافا لمحمد كما في المنظومة وشرحها الحقائق والفرق لأبي يوسف أن المسح يتأدى بالبلة فلا يصير الماء مستعملا ويجوز المسح أما مسح الجبيرة فكالغسل لما تحته قال في الحقائق ذكره في الخزانة وأحاله إلى المنتقى ا هـ. قلت وينبغي أن يقال الخامس والعشرون لو كانت على رجله وسقطت عن برء ويخاف إن غسلها أن تسقط من البرد أن يتيمم بخلاف الخف على ما مر فتدبر والله تعالى أعلم.
|